Tuesday, May 20, 2008

الطفل الاستهلاكي

الطفل الاستهلاكي

د. علي بن صديق الحكمي

كنت أتسوق مع ابني الصغير ذي الخمسة أعوام عندما توقف أمام نوع معين من رقائق الذرة وطلب أن نشتريها. قلت له أن لدينا نوعاً آخر في البيت أجاب "يا بابا في التلفزيون قالوا لنا أشتروا هذا النوع" تفاجأت حقيقة من إجابته فهو بلاشك يخلط بين الدعاية والواقع ويعتقد أن الخطاب في الإعلانات التلفزيونية موجه إليه شخصياً وأنه يجب أن ينفذه. هذا ما يهدف إليه القائمون على تصميم تلك الإعلانات التي تزداد تشويقاً وتأثيراً يوماً بعد يوم بالاعتماد على دراسات نفسيه عميقه تكشف جوانب الضعف في شخصية الإنسان وخاصة الطفل وكيفية الإيحاء له للقيام بسلوك غير عقلاني مثل الشراهة في الأكل أو التسوق أو حتى العنف. التغافل عن التعامل مع مشكلة الإندفاع نحو الاستهلاك والشراء دون ضابط، له آثاره الاقتصادية والإجتماعية والصحية السلبية. والمؤسسات التربوية عليها دور كبير في مقاومة السلوك الاستهلاكي غير السوي الناتج عن تسلط وسائل الإعلام بقوتها وقدرتها على التغلغل والتأثير. عندما نركز في تربيتنا على مهارات ضبط النفس، والتفكير في عواقب السلوك وتحديد المنافع والمضار منه، واتخاذ القرار الراشد. وعندما ندرب الطفل على المهارات الاجتماعية التي تؤهله لكي يصبح شخصاً مستقلاً في تفكيره قادراً على الاختيار، سيكون بمقدوره التعامل مع الكم الكبير من الإعلانات التي تهدف إلى توجيه سلوكه دون وعي منه.
مسؤولية المؤسسات التربوية لابد أن يقابلها أيضاً تحمل المؤسسات الإعلامية لمسؤلياتها الاجتماعية، وأخلاقيات المهنة، فالخط الفاصل بين المعلومات الصحيحة والمضللة، والحقيقة والخيال، دقيق جداً ومالم تعِ تلك المؤسسات العواقب السلبية لممارساتها الدعائية المخالفة لأخلاقيات المهنة، والالتزام بها، سيكون نجاح التربية ومؤسساتها في مواجهة الترسانة الإعلامية صعب جداً، ولكنه ليس مستحيلاً.

1 comment:

Suzan/Eng Cur. Consl. said...

Hi Dr. Hakami,
are you still active in this blog. Just want to make sure before commenting.