Monday, November 2, 2015

أفكار حول الألعاب الإلكترونية وتأثيراتها على النشء

د. علي بن صديق الحكمي

1.    الألعاب الالكترونية ليست شيئاً عارضاً في حياتنا المعاصرة، بل أصبحت جزءاً رئيسياً منها، فهي كما التلفاز عندما بدأ بكونه من أمور الحياة الكمالية، إلى أن أصبح من الضرورات التي يسعى الإنسان للحصول عليها والتعامل معها.
2.    نحن لم نصل إلى الذروة في صناعة الألعاب الإلكترونية، بل لازلنا في منتصف الطريق، والمستقبل مليء بالتطورات والمفاجآت المذهلة.
3.    صناعة الألعاب الإلكترونية صناعة مزدهرة وتنمو بشكل مضطرد، ونحن، إما أن نبقى كمستهلكين، كما هو حالنا في الكثير من التقنيات والسلع، أو نكن مساهمين فاعلين في صناعتها والإبداع فيها.
4.    هناك دراسات نفسية عدة وجدت أن الألعاب الالكترونية الحديثة لها تأثيرات إيجابية على النمو الذهني للطفل وعلى اكتسابه مجموعة من المهارات الأكاديمية والمهنية التي يحتاجها في مستقبله.
5.    وفي المقابل هناك دراسات أيضاً تبين أن الألعاب الإلكترونية لها تأثيرات سلبية على النشء، سواءً تأثيرات صحية أو عقلية أو جسدية.
6.    وجود تأثيرات سلبية وإيجابية شيء طبيعي، ويجب أن لا يؤثر تقديرنا للآثار السلبية على إدراكنا لمنافع الألعاب الإلكترونية، كما يجب أن لا نركز على الإيجابيات ونهون من التأثيرات السلبية، فدراسة المخاطر والمنافع بموضوعية واستقلالية لكل منهما عن الآخر يساعدنا على فهم وتعامل أفضل معها.
7.    النقاش عن تأثير الألعاب الإلكترونية على النشء له جانبان، الأول يتعلق بالمحتوى، وهذا لن نستطيع أن نتحكم فيه، مثله مثل القنوات الفضائية والانترنت، والثاني يتعلق بسلوك النشء في التعامل معها، مثل مقدار الوقت الذي يقضيه الطفل أو الشاب في اللعب أو نمط اللعب أو الاستعداد للتعامل مع الجوانب السلبية، وهذا ما يجب أن نركز عليه، أفراداً وأسر ومؤسسات تربوية ومجتمعية بشكل عام.
8.    تعامل النشء في مجتمعنا السعودي مع الإلعاب الإلكترونية لا يختلف عن تعامله مع التقنيات الأخرى أو كيفية إدارة الوقت أو الحياة.  فمجتمعنا، صغاراً وكباراً ومؤسسات يعاني من ضعف الانضباط، بل انعدامه في الكثير من الأحوال، سواءً فيما نشاهده، أو نقرأه، أو سلوكنا صغاراً وكباراً.
9.    حالة عدم الانضباط هذه هي التي أدت إلى الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية على النشء والشباب وبالتالي على الأسرة والمجتمع، فالأوقات التي يقضيها الطفل أو الشاب، وحتى الراشد أحياناً، أحسب أنها، ومن ملاحظتي الشخصية، من النسب الأعلى عالمياً، وهذا له علاقة بارتفاع نسب السمنة وأمراض السكر والأمراض الأخرى المرتبطة بنمط الحياة غير النشط.
10.    كما أدت حالة عدم الانضباط إلى تعامل الصغار مع ألعاب ليست مناسبة لأعمارهم، حتى لو أخذنا بالتصنيف الدولي وهو مبني على معايير لا تناسب مجتمعنا في جوانب مهمة منها، وبالتالي تعرضهم للتأثيرات الخطيرة للمحتوى السلوكي أو الفكري (التطرف، والعنف وغيرها).
11.    حالة عدم الانضباط أيضاً تجاوزت للعب الصغار الألعاب على شبكة الانترنت، والتواصل مع لاعبين من جميع أنحاء العالم، وبعد الأسرة عن هذا كله، وعدم وعيها بتأثيراته، وبالتالي عدم قيامها بالحد الأدنى من التدخلات الوقائية أو العلاجية.
12.    إذا أردنا إذاً أن نحد من الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية فيجب أن نتعامل مع أساس المشكلة، وليس مع أعراضها، والأساس في نظري هي أننا مجتمع غير منضبط في الكثير من شؤونه، والتعامل يجب أن يكون في تعزيز الانضباط على عدة مستويات:
13.   على  المستوى المؤسساتي والمجتمعي، فسوق الألعاب الإلكترونية غير مقنن بشكل جيد، وجميع الألعاب يمكن أن يشتريها الطفل من أي محل، وحتى من البائعين المتجولين، دون أدنى ضوابط
14.    وعلى المستوى المؤسساتي أيضاً يأتي دور التعليم، الذي يجب أن يتوجه لغرس الانضباط وثقافته قبل أن يتجه لتعليم المعرفة المجردة ويعطي ذلك الاهتمام الذي يستحقه، فالانضباط سينعكس إيجاباً على تحصيل الطالب وعلى سلوكه، وعلى انضباطية المجتمع لاحقاً
15.    وعلى المستوى الأسري، فنحتاج لبرنامج وطني، موجه للآباء والأمهات، يعزز المهارات التربوية لديهم، ويساعدهم على تحقيق انضباطية أعلى وعلى قيامهم بدورهم الفعال في غرسها في أطفالهم
16.  يجب أن لا نلوم النشء، إذا تأثر بسلبيات الألعاب الإلكترونية لأننا، ككبار ومؤسسات سبب رئيس في المشكلة.
17.   أتمنى قيام المستثمرون في بلدنا بدورهم الفعال في تأسيس صناعة سعودية، بمنظور ومواصفات عالمية، للألعاب الإلكترونية، ومساحة المنافسة المتاحة كبيرة جداً، ولكننا نريد أن نستفيد من عقول النشء والشباب في ذلك الاستثمار الناجح، فلديهم الكثير من الابداع والابتكار ليقدموه.


وتحياتي للجميع